راديو مارس – الدار البيضاء 

يشكل الغرافيزم التلفزيوني أحد أبرز أعمدة التحول النوعي الذي تشهده الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من خلال توليها الإنتاج الرسمي لكأس إفريقيا للأمم 2025، حيث لم يعد الغرافيزم مجرد عنصر جمالي مكمّل للصورة، بل أصبح مكوّنًا تحريريًا وتقنيًا أساسيًا في بناء المحتوى الرياضي وتحليل مجرياته.

هذا التوجه يضع المغرب في قلب التحولات الكبرى التي تعرفها صناعة البث الرياضي عالميًا، ويؤكد انتقال الإعلام العمومي إلى مرحلة أكثر نضجًا واحترافية في التعاطي مع الصورة والمعطى البصري.

اعتمدت SNRT على تصميم غرافيزم متطور قائم على تقنيات الواقع المعزز (AR)، ما أتاح إنشاء فضاءات افتراضية تفاعلية تُحاكي الاستوديوهات التحليلية الكبرى المعتمدة لدى القنوات الرياضية الدولية.

هذه الفضاءات تمكّن المحللين من تفكيك الخطط التكتيكية، إبراز تحركات اللاعبين، وشرح التمركزات والسيناريوهات المحتملة داخل الملعب عبر نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة، تُدمج بسلاسة مع الصورة الحية للمباراة، وتمنح المشاهد قراءة أعمق وأكثر وضوحًا للأداء التقني والاختيارات التكتيكية.

ويتميز هذا الغرافيزم بارتباطه المباشر بالبث فائق الدقة 4K وتقنيات HDR، ما يضمن وضوح التفاصيل الدقيقة، دقة الألوان، وانسجام الإضاءة بين العناصر الافتراضية والبيئة الواقعية داخل الاستوديو.

هذا التكامل بين الجودة البصرية العالية والغرافيزم الذكي يخلق تجربة مشاهدة متقدمة، ترتقي بالمحتوى التحليلي من الشرح التقليدي إلى سرد بصري تفاعلي يعتمد على المعطى الرقمي والدقة العلمية.

كما تم تصميم منظومة الغرافيزم لتكون مرنة وقابلة للتحديث اللحظي، بما يسمح بعرض الإحصائيات المباشرة، مؤشرات الأداء، ومسارات اللعب في الزمن الحقيقي، دون التأثير على سلاسة البث.

هذا الأمر يعكس استثمارًا واضحًا في الكفاءات البشرية المتخصصة في التصميم الرقمي والبيانات الرياضية، إلى جانب اعتماد منصات برمجية متقدمة قادرة على التفاعل الفوري مع مجريات المباراة.

بهذا التوجه، يتحول الاستوديو التلفزيوني من فضاء تقليدي إلى مختبر تحليلي بصري، يصبح فيه الغرافيزم أداة للفهم والتفسير وليس مجرد خلفية أو مؤثر بصري.

وهو ما يمنح الإعلام العمومي المغربي قيمة مضافة حقيقية، ويعزز قدرته على منافسة كبريات الشبكات الرياضية، ليس فقط على مستوى نقل المباريات، بل في طريقة تحليلها وتقديمها للجمهور.

شاركها.
Exit mobile version